بكتابتي لهذه الرسالة, أتمنى أن تساعدني أجنحة ا»لطيور المهاجرة بالسفر عبر الحدود المغلقة و الوصول الى ايديكم.« ربما أنتم لا تريدون تحياتي, لأني فتاة أفغانية, ربما أستحق الترحيل حتى لو كانت الحالة ببلدي غير مثالية أو سيئة. لكنني أترجاكم لقراءة رسالتي و سماعي. لكي أتعرف عليكم بشكل أفضل قرأت سيرتكم المهنية لأنني أريد أن أعرف المزيد عن هذه السيدة المشهورة التي تحب و تهتم بالمهاجرين. في سيرتكم المهنية رأيت كلمة “هجرة”! لم أتوقع أبداً امتلاككم لهذه التجربة. قرأت في سيرتكم المهنية أنكم هاجرتم مع عائلتكم الى ألمانيا الشرقية. أنا متأكدة بأنكم تذكرون بعض الصور من رحلتكم برغم صغر سنكم وقتها. لهذا أعتقد بأننا نمتلك كلمة مشتركة في سيرتنا. و هي الهجرة التي أحملها فوق ظهري من سن مبكرة جداً حتى الان.
كامرأة أكن الكثير من التقدير لشجاعتكم في طرح فكرة “الحدود المفتوحة” للمرة الأولى. هذه كانت بداية لحركة انسانية. جعلتنا نتأمل في مستقبل جيد و هو شيء كان ينقصنا من زمن طويل, هذا جعلنا نقترب خطوة واحدة. لكن هذا الشعور بالسعادة بدأ بالابتعاد تدريجياً عنا, في تلك الفترة التي اعتقدنا بأننا وجدنا السعادة, لكن هذه الفرصة أعطيت بشكل حصري للسوريين, أما الأفغان فكان مصيرهم الحرمان و الأسلاك الشائكة. نحن الان نتسائل لماذا حدث هذا. كيف تحولت فكرة الحدود المفتوحة إلى اغلاق اجباري لهذه الحدود؟ لماذا هذه الحركة الإنسانية أدت إلى احتجاز الالاف من اللاجئين و الهاربين من الحروب بين اليونان و الدول البلقانية؟ ما هو الاختلاف الذي يفرق بين المهاجر السوري و المهاجر الأفغاني؟ ربما قد قابلتم الكثير من الأطفال السوريين و سمعتم قصصهم, شكاويهم و تجاربهم في الحرب, أتسائل إن كنتم قد تحدثتم يوماً ما إلى أي طفل أفغاني. جواب الطفل السوري سيكون عن أربع سنوات من الحرب بينما الطفل الأفغاني لديه تجربة 40 عاماً من الحرب. الأهالي أيضاً عاشوا تجربة الحرب. أنا لست شخصاً قاسياً, في قرارة نفسي أبكي على الطفل السوري و أتمنى له الأفضل. لكنه لم يعش الحرب كما عشتها أنا, لم يولد بعيداً عن وطنه, لم يسمع الكلمات السيئة من الأجانب, لم يأت الى بلد لم يكن مرحباً فيه و لم يتعرض للخيانة من رؤساء بلده. لا أريد أن أظهر بمظهر الشخص الناكر للجميل في عيونكم أعرف أنكم قبل سنوات رحبتم بالعديد من أبناء بلدي, لا أعلم ما هو سبب هذا التغيير, لكن هذا التغيير جعلني أبكي. لقد حدثوني عن شعور الهدوء و السكينة الذي يحس به المهاجر في ألمانيا, يقولون أن هذا الشعور يشبه شعور الجلوس في حضن أمي, أنا أتسائل لماذا تحرمونني من هذا الحضن؟
لا أعرف, ربما الحق يقع على باقي الدول الأوروبية التي لا تتعاون معكم. أو ربما موجة الهجرة الكبيرة هي السبب, ربما هؤلائك الأولاد سمعوا أن ألمانيا تحمي أبناء المهاجرين و أن لديهم نفس الحقوق مع المواطن الألماني. بالتأكيد, هذه الإنطباعات كونتها و أنا بعيدة الاف الكيليومترات عن ألمانيا.
أجل! أحسست بكرمكم و ضيافتكم و انسانيتكم رغم المسافات التي تبعدنا, رأيت بأم عيني الفروقات بين ايران و ألمانيا, ليس فقط من الناحية الاقتصادية لكن من الناحية النفسية أيضاً. يجب أن تكونوا فخورين بأن المهاجرين يجدون قربكم الهدوء و الأمان الذي يفتقدونه ببلادهم.
إذا كنتم ما زلتم مؤمنين بأنني أستحق الترحيل الى بلدي هذا يعني أنكم تعتبرون أن بلدي مكان امن, أنا أسألكم, إن كان بلدي مكان امن فلماذا تتواجد قوات عسكرية أجنبية هناك؟ هل تعتقدون أن أي بلد امن يحتاج مثل هذه القوات؟ هل تحدث انفجارات في الدول الامنة؟
سمعت بأنكم دعمتم المهاجرين في الكثير من المرات بدون أن تكسبوا الرأي العام. للأسف, الناس ظالمون في الكثير من الأحيان, أنا أريد أن أخبركم عن الحياة التي أنا مضطرة لعيشها بسبب هذه الظلم. أنا أتكلم عن الحياة داخل الخيم. هنا الساعات تمر ببطئ شديد, لا أعلم كيف تمر عليكم الساعات هناك. هنا, الذكريات القديمة التي نستحضرها طوال الوقت أصبحت متعبة, لا أعلم عن ذكرياتكم هناك. ربما إن لم يوجد هذا الظلم, أهلي لم يكونوا ليتذوقوا طعم الهجرة المر. لم يكن الاف الأطفال ليخسرون حياتهم و عائلاتهم الذين أرادوا مستقبلاً أفضل بدعم ألمانيا و سيدتها الأولى.
كتبت كل هذا ليس من أجل التذمرعن بعد بل من أجل أن تقرئونني. كما جرت العادة أقول لكم: الى اللقاء.
Add comment