النـاس بطبيعتهم غير متسامحين, يقول الفيلسوف الانكليزي “توماس هوبز” أن الناس هم أشرار بالفطرة, لكـن لجاك جان روسو رأي مختلف, فهو يعتقد أن البشر يتشكلون وفقاً لتربيتهم وهم أطفال، أما سقراط, فهو أول من قـال أن البشر طيبون بالفطرة.
لكل من هؤلاء الفلاسفة تبريراته المنطقية, فكل انسان مر في حياتنا ترك اثاراً طيبة وأخرى ليست كذلك. من شريط معرفتنا بكل شخص, يمكن للذاكرة المتسامحة أن تقتطع افضل مابدر منه وتحافظ عليه في مكان نظيف لتعود إليه عند الحاجة. لا يمكن ان نختصر علاقة جمعتنا بأي شخص بالمرة الأخيرة التي اختلفنا فيه معه و أن نستبدله بصديق جديد، الذاكرة المتسامحة هي التي تبقينا منسجمين مع أنفسنا وتحافظ على انسانيتنا، نستطيع بسهولة أن ننظف الاشرطة القديمة من الغبار و أن نعيدها للحياة لتنعش ذاكرتنا بابتسامات الماضي, لتحمل الينا أروع وأصدق اللحظات. الذاكرة المتسامحة هي اداة قياس فريدة من نوعها, تعتمد على عمر لطافة الانسان معك، فإن كان لطيفا معك لنصف ساعة، كان عمره الفعلي في ذاكرتك نصف ساعة من الجمال المتواصل. بإمكاننا نسيان الشوائب من الأمور التي حصلت معنا, عوضاً عن إهمال الماضي بإمكاننا اختيار أجمل ما كان فيه. كل منا يملك شيئا يسمى بالزمن الجميل, هذا الزمن ليس مرتبطا تمامآ بالظروف العامة التي عشناها بل هو متعلق بجمال الأرواح التي صادفناها. سألتني صديقة في يوم ما: لماذا تسمين زمن الحصار بالجميل, ألم يكن قاسيا عليك؟ قلت لها لأنني تعرفت عليك وعلى اروع صديقاتي في هذا الزمن.
هناك زمن داخلي لأرواحنا تشعر فيه بالراحة والطمأنينة بغض النظر عن كل شيء يحدث في الخارج، رصيد الإنسان من هذه الحياة هو كمية”الزمن الجميل” التي عاشها, ذلك الشريط السينمائي الذي اقتُطع منه كل ما يزعج الذاكرة تم الإبقاء فيه على اللحظات الجميلة فقط، لقطة جميلة من ذكرياتي مع صديقة تعادل زمنآ من الأخطاء.
بدون ذاكرة متسامحة سوف تخسر الكثير من الجمال في حياتك الشخصية التي تعيشها! صحيح ان بعض الاخطاء كارثية ولكن حياة الانسان هي سلسلة من الأخطاء الجميلة التي تتحول بمرور الزمن إلى فكاهة تتذكرها دائماً لكي تضحك.شخصياً دائماً ما اتذكر صديقاتي, حتى المشاغبات منهن! اشتاق الى ذلك الشعب البريء واحتاج بقوة الى الذاكرة المتسامحة كي استطيع الإبقاء على أفضل اللقطات وألطفها,فقط بهذه الطريقة سأتمكن من إخراج فيلم حياتي على نحو بالغ الروعة!
Add comment