هل من الممكن أن يتسبب سفك الدماء هذا كله بزيادة حدة الاحترار العالمي؟ 

 هذا هو السؤال الأول الذي طرأ على بالي حين علمت عن احتجاج ونضال الفتاة السويدية ذات الستة عشر عاما، غريتا تونبرغ بشأن الاحترار العالمي. يظهر أن التظاهرات أثارت الاهتمام في كل أنحاء العالم كما أيضا رسالتها بأن الأرض، في مستقبل ليس بعيد جدا، لا يمكن أن تكون كوكب أبنائنا وأحفادنا. آلاف الناس حول العالم نزلوا إلى الشارع لكي يصبح صوت غريتا أكثر قوة ويصل إلى آذان السياسيين المسؤولين، والعديمي المسؤولية. 

بعد أن علمت بتلك التظاهرات، بقي ذهني مشغولا، في محاولتي أن أجد ردا على سؤالي. حقا، سؤالي كان إن كانت كل تلك الدماء التي تسفك على الأرض ستجعل من الكوكب ميزانا للحرارة. في بعض الأحيان، لكي أرد على سؤالي، أفكر أننا في بلادي نصنف الناس بأنهم حامين (دمهم حامي) وباردين (دمهم بارد). ربما السياسيون اللامبالون يعتقدون بأن آلاف الناس الذين يقتلون في المناطق الحربية دماؤهم باردة وقد تحتاج الأرض إلى دمائهم الباردة لتبقى حرارتها منخفضة! أعرف بأن هذا التفكير مرعب لكن مع هذه الموجة من العنف والقتل تأتي إلى ذهني صور مرعبة كهذه – بالرغم من أني أعرف جيدا أن الدم هو سائل دافئ وأحمر يجري في عروقنا. 

حين نريد أن نحل مشكلة، يجدر بنا أولا أن نبحث عن أسبابها. لماذا يا ترى الوقت الذي نمضيه في الكلام عن الحرب هو أقل بكثير من الوقت الذي نمضيه في الكلام عن التغير المناخي؟ الحروب باتت تعم العالم. لماذا لم يتم حتى الآن اتخاذ الإجراءات اللازمة لإنهائها ولم يعثر على الحلول؟ أود أن أصرخ بأعلى صوتي وأقصى قواي، كما فعلت غريتا تونبرغ: “كيف تجرؤون؟” أود أن أقول: إذا كانت الشبيبة في الدول الأخرى تتكلم عن زرع الأشجار والحد من استعمال البلاستيك لحماية الكوكب، على الشبيبة من المناطق الحربية أن تتكلم عن إنهاء الحرب وإلغاء الأسلحة الكيميائية التي تؤذي أجيال كاملة من الناس. 

برأيي، مع أية إجراءات أخرى قد تتخذ، يجب أن تتوقف الحروب وصناعة السلاح وعلى الأخص الأسلحة النووية، لكي يكون هناك معنى ونتيجة للمحاولات ضد التغيير المناخي. نتيجة الحروب هو الهجرة. في بعض الأحيان أفكر بتأثير الهجرة على النظام البيئي البحري في إيجيه وليس فقط منذ سنة 2015 وما بعد. أنا أتحدث عن آلاف عوامات النجاة، أي ما يدعى بـ”النجاة البلاستيكية”، وأيضا عن آلاف الأرواح التي فقدت في البحر وغرقوا في قعر البحر ليصبحوا طعاما للكائنات البحرية. أتحدث عن الأشجار التي قطعت لتدفئة اللاجئين من البرد القارص في الشتاء. أتحدث عن التغيرات في الغابات والنظام البيئي البحر ي خلال تلك السنوات بسبب تدفق اللاجئين. 

فكروا قليلا كم عالمنا أضحى مرعبا حتى أننا لا نفكر بهؤلاء الذي يموتون ولا مستقبل لهم. أنا لست ضد الطلع إلى المستقبل لكنني ضد اللامبالاة بالحاضر. 

*المقال تم نشره في العدد # ١٦ من ” الطيور المهاجرة ” الذي تم تداوله وتوزيعه مع جريدة سينداكتون بتاريخ يوم ٢٨ ديسمبر- كانون الأول ٢٠١٩

مهديه حسيني

Add comment