غالبا ما يوصف المراهقون بعدم النضج والسذاجة واللامبالاة والأنانية والجحود. حيث يعتقد الناس بأنهم لا يفكرون بأي شيء أو شخص عدا عن كيفية قضاء أوقاتاً ممتعةً. ولكن هذا ليس بصحيح!
ففي حقيقة الأمر، هنالك أفكاراً لا تعد ولا تحصى تجول في خاطر المراهقين يومياً، ولكن الكبار لا يدركون وجودها. فالمراهقون يشعرون دوماً بالقلق وبالحيرة، ويحاولون من أجل تحقيق الكثير من الأمور والأهداف.
ويعد المستقبل واحداً من أكبر مخاوف المراهقين ومصدر قلقهم. فالتفكير الدائم الذي يسود حياتنا ويسيطر عليها يبدأ من منذ الدخول الى الجامعة، والذي يعد واحد من أكثر الاختبارات العصيبة التي يتوجب على المراهقين خوضها واجتيازها. ويستمر الكفاح لإيجاد وظيفة بمجال اهتمامهم ودراستهم، وهو ما يعني عادة الهجرة إلى بلد آخر. ونبقى نتساءل دوماً إن كنا سنتمكن من تحقيق كافة أحلامنا وإرضاء فضولنا فيما يخص هذا العالم. وهل ستتاح لنا الفرصة للسفر؟ والتعرف على أناسِ جدد وحضارات جديدة؟ وحيث ينصب مجال اهتمامنا بأن نحظى بحياة سعيدة. نتساءل: هل سنكون فخورين بذلك الإنسان الذي تحولنا إليه بعد رحلتنا في هذه الحياة؟ لأنه، وفي الوقت ذاته، نشعر بالقلق ونحن نتساءل اذا كنا قد احتفظنا بشخصيتنا وقيمنا أم تحولنا إلى البالغ النمطي الذي فرط بطبيعته كطفل التي كانت لديه يوماً وترك نفسه روحيا دون أن تطوير، كون جل اهتمامه كان منصباً على الأمور المادية والمال. ولا زلنا نتساءل عن دورنا في هذا الكوكب، وكيفية مساهمتنا في جعل عالمنا أفضل.
أحد الانطباعات الأخرى السائدة لدى البالغين هو أن المراهقين يهتمون فقط بمظهرهم وقضاء أوقات ممتعة. وتحديداً، بأنهم لا يولون أي اهتمام يذكر لنفسية ووضع المحيطين بهم من الناحية الصحية ، وبأنهم لا يحسون بمشاكل الآخرين والصعوبات التي يواجهونها . لكننا هنا، نكتب هذا المقال وبإمكاننا أن نؤكد لكم أننا نقضي جزءا كبيرا من أيامنا قلقين عليكم. أنتم جميعكم ناسنا وأهلنا.. نتفهم الصعوبات التي مررتم وتمرون بها يوميا. ونحن معنيون بأن تكونوا بأحسن حال، وبإمكاننا أن نعدل مزاجاكم ورغبتكم بالحياة. ونتساءل: “هل نحن نكفيكم؟” “وهل محاولتنا هذه تشعركم بالرضى؟”
المراهقون لا يرغبون بالانزواء عن ذويهم أو البعد عنهم، نحن بحاجة إلى علاقة حقيقية ودافئة معهم.
أفكارنا لا تقتصر على ما سبق ذكره أعلاه، بل إنها ذات بعد ديني، ووجودي، وشخصي. هناك اختلافات كبيرة بين الأديان، مع أن جميعها تدعو الى المحبة والاحسان. وبالرغم من ذلك لنسأل أنفسنا: ما هو احتمال تقبل شخص بوذي في مجتمع مسيحي؟!! ومن حيث المبدأ، لماذا يتوجب علينا تحديد ديانتنا وتسجيلها لدي مؤسسات الدولة بدلاً من ابقائها أمر شخصي وروحاني؟!!! ومن الذي قال بأن الذين لا يؤمنون بوجود إله معين، لا يتصفون بالإيمان بالمحبة والإحسان وبقدرات الآخرين؟!! لماذا التسبب بهذا العدد الهائل من الحروب، فقط بسبب التطرف الديني؟ ولماذا يزهق هذا العدد الهائل من الأرواح البريئة؟
تجول في عقول المراهقين أفكار لا تعد ولا تحصى حول العديد من المواضيع، وبالتزامن معها يحاولون العثور على إجابات عبر هذا العالم ومن خلال كل ما يرون ويدركون فيه. لذا، لا تتسرعوا بالخروج باستنتاجات مغلوطة. فهناك اعتبارات وأفكار أبعد منا …
Add comment