أصوات غير مفهومة, همسات, نظرات ثقيلة. ليس بإمكاني فهم كل تلك الأمور. لماذا تبتعد عني؟ أتسائل, كيف تشعر تجاهي؟ ما الذي تفكر به عندما ترى ملابسي, حجابي؟ كل مرة أراقب بها الناس أكتشف شيئا جديداً.
الناس تنظر الي بطريقى غريبة. مختلفة. لا أفهم لغتكم لكنني أراها في عينوكم. لغة العيون و الجسد هي لغة مشتركة عند الجميع. أرى التضامن و المحبة في عيون البعض و في عيون البعض الاخر أرى العدائية. عندما تبقون على مسافة مني, أحس كأني مصابة بمرض معدي, الموقف صعب جداً عندما يتصرف الناس معك كأنك مريض بدون أن تكون مريضاً. البعض منكم يمسك بحقيبته عندما يراني مما يجعلني أتسائل, هل تخافون أن أسرقكم لأنني أرتدي هذه الثياب. عندما أرى هذه النوع من التصرفات, أخاف ركوب الباص و المترو. عندما أركب الباص, أحاول أن أبقي يداي حيث بإمكانكم رؤيتهما. أحاول أن أبقي يديي مشغولتين حتى أهدئ من روعكم, أنا لست لصة, أنا فقط انسانة ترتدي الحجاب.
عندما أنزل من الباص, أتنفس بعمق و أمشي متعبة بقلب مكسور. أحياناً نظراتكم تكون في غاية الغرابة لأنني أرتدي هذه الثياب. أنا متأكدة أنكم تحبون ثيابكم و تشعرون بالراحة عند ارتدائها. هكذا أشعر أنا أيضاً تجاه ثيابي, لهذا يحب عليكم أن تتقبلوني كما أنا و أن تحترموا اختياراتي اللباسية. من المهم جداً ان تحترم الناس و أن تحترم خياراتهم التي اختاروها بأنفسهم بدون أن تطلب منهم أن يصبحوا مثلك.
البعض منكم يبتسم عندما يراني, هذه الإبتسامة تغير كل شي داخلي. تعمني السكينة بشكل فوري عندما تبتسمون لي مما يطرد الأفكار السلبية من رأسي. أحياناً البنت الصغيرة تنظر الي من عربيتها في الباص قبل أن تقفوا بيننا لحمايتها مني, هل من المعقول أنني سأسبب لها الكوابيس في الليل بسبب مظهري؟
أتذكر أنه في إحدى المرات, كان هناك رجل طويل تظهر على وجهه معالم الغضب, كان يصرخ غاضباً في وجه مجموعة من اللاجئات المسلمات المحجبات. لا أعرف ما الذي كان يقوله لكنني أتخيل أنه كان يوجه لنا أسوأ الشتائم التي يعرفها. أصبت بالدهشة. لم أعرف ما يجب علي قوله, كنت أحاول أن أفكر ما الذي يجب علي فعله في حال هاجمنا. لم أجرؤ على القيام بأي خطوة. شعرت بالرعب لأن الرجل كانت تبدو عليه معالم الجنون و بنفس الوقت شعرت بالشكر تجاهك تلك اللحظة. قرأت الخوف بعيني, ركضت تجاهي و وقفت أمامي كدرع ينقذني, و أنقذتني. أنا في غاية الشكر لمساعدتك لي.
المقعد الوحيد الفارغ في الباص هو المقعد المجاور لمقعدي. ابنك البالغ من العمر ثلاث سنوات يحدق فيّ. من الواضح أنه يعتقد أنني مختلفة عنكم. أجلسته بجانبي لكنه أجهش بالبكاء ليضغط عليك لجلبه قربك. تقوم باحتضانه و بتهدئته, تحمله و بابتسامة جميلة تجلس بجانبي. ابنك الان يجلس بجانبي و يحس بالأمان في حضنك, أنا أيضا أشعر بالهدوء و الارتياح لأنك عاملتني بطريقة جيدة غاضاً النظر عن ملابسي.
البعض منكم يتصرف معي بشكل جيد جداً و أنا أقدركم للغاية على هذا. مثلاً, عندما ذهبت الى السوبر ماركت للتسوق. عن طريق الخطأ وضعت لحم خنزير في سلة المشتريات. أتيت الي بابتسامة ودودة و أشرت لي بأن ما اشتريته هو لحم خنزير. أنا سعيدة جداً لأنكم تعرفون أموراً عن دياناتي, بأنكم تعرفون بأنني أتجنب بعض الأطعمة بسبب معتقداتي, أنا سعيدة بأنكم تهتمون لأمري. أنا أقدر كثيراً هذا التصرف, أتمنى من بعض الناس الذين لا يتصرفون معنا كأننا بشر مثلهم أن يقرئوا هذه السطور لكي يغيرون رأيهم عننا, عن النساء المسلمات.
*المقال تم نشره في العدد # ١ من ” الطيور المهاجرة ” الذي تم تداوله وتوزيعه مع جريدة سينداكتون بتاريخ يوم ١٤ – ١٧ أبريل – نيسان ٢٠١٧
Add comment